السبت، 15 يوليو 2017

فوائد الصدق

ما هي فوائد الصدق؟

حقيقة فوائد الصدق كثيرة:

أولها: أن الاتصاف بالصدق يعد صفة من صفات المتقين.


ثانياً: أنه سبب من أسباب دخول الجنة، كما أخذنا منذ قليل: (وإن الصدق يهدي إلى
البر وإن البر يهدي إلى الجنة).


ثالثاً: يحظى بمحبة الناس له مع ثقتهم فيه، الناس إذا عرفوا أنك صادق يثقون فيك،
يصدقون أخبارك يأتمنونك على أسرارهم.


رابعاً: الصدق طمأنينية للنفس.


خامساً: الصدق منجاة من الشدائد، كما قلنا منذ قليل في قصة عائشة في حادثة الإفك
المشهورة، قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فقال: بعضهم لبعض لا ينجيكم إلا
الصدق، فكل منهم ذكر عملاً صالحاً، وصدق الله فيما قال فنجاهم الصدق في هذا.

أيضاً أحد التابعين اسمه ذر بن حبيش عرف عنه أنه لم يكذب قط، وكان صادقاً وكان
الحجاج يبحث عن ولديه، يقبض عليهما في أمر، فبحث عنهما في كل مكان فلم يجدهما، فقيل
للحجاج: لو سألت أباهما عنهما فإنه لا يكذب، فاستدعاه الحجاج وسأله فقال: هما في
بيتي، أخبره بالصدق، قال: هما في بيتي يعني، أخفيتهما عنك في بيتي، وكانوا يبحثون
في كل مكان ما توقعوا أن يكون في منزل والدهم فقال الحجاج: قد عفوت عنهما إكراماً
لصدقك. ولذلك نلاحظ الآن عندما يحقق مع بعض المتهمين أو غيرهم، يقال له: اصدق فإن
هذا يخفف عنك وقد يعفى عنك، لأن بعض الذين يدعون على غيرهم، يقولون أحياناً: أريدك
أن تعترف إن اعترفت عفوت عنك فقط أريدك أن تعترف فالصدق منجاة, ولا يمكن - وهذا مما
ينبغي التنبه إليه- أن يكون الكذب منجاة ولذلك يقول بعض السلف: لإن نجاني الكذب فإن
الصدق أنجى منه. لو نجاك الكذب مرة فإن الصدق أنجى منه؛ لأن الكذب لا يمكن أن ينجي
وإنما الكذب تدليس وتزوير وخيانة كما سنأخذه بعد قليل.


أيضاً من فوائد الصدق- أيها الإخوة- أنه بركة في الرزق وسبب- بإذن الله تعالى- في
نماء المال، وكثرة الرزق، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (البيعان بالخيار، فإن
صدقا -هذا الشاهد عندنا- فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت
بركة بيعهم) متفق عليه، فالبيعان: يعني البائع والمشتري طبعاً لهما الخيار يسمى
خيار المجلس في البيع في البيع. فإن صدقا: كل منهما صدق الآخر فإن الله -عز وجل-
يبارك للبائع في المال الذي أخذه وللمشتري في السلعة التي اشتراها لكن لو افترضنا
أن كل منهما كذب على الآخر فإنه تمحق بركة بيعهما ولذلك أثر عن كثير من السلف، أنه
قال: « بارك الله في تجارتي وفي رزقي بفضله -جل وعلا- ثم بصدقي » فمن كان صادقاً مع
الله -عز وجل- ثم مع الناس يبارك في رزقه. ويروى عن أبي حنيفة كان يتجر في تجارة
البز وفي بيع القماش، أنه كان يأمر غلامه إذا كان القماش فيه عيب أو فيه خروق أو
فيه نقص عن غيره، أن يبين لمن باعه العيب وأن يبيعه بسعر أقل، ورويت في هذا قصص
كثيرة عن أبي حنيفة ولذلك بارك الله في رزقه وغيره من السلف وهذا مشهور معروف
فينبغي علينا أن نحرص أوصي نفسي وإخواني من المشاهدين من التجار ومن رجال الأعمال
أن يحرصوا على الصدق مع الناس والحذر الحذر من الكذب أو التغرير عليهم أو استخدام
وسائل الإعلانات في استجلاب الناس ثم إذا اشتروا تلك السلع إما يجدوها مغشوشة أو
يجدوها على وصف أقل مما وصفت به وهذا مما لا ينبغي ، بل ينبغي للإنسان أن يكون
صادقاً ليبارك الله -عز وجل- في رزقه وفي تجارته ويذكر أن أحد التجار باع رجلاً
سلعة وهذه السلعة كانت مغشوشة، وأخذها هذا البائع دون أن يعلم أنها مغشوشة لما جاء
الليل شعر هذا التاجر بتأنيب ضميره وخاف من العقوبة فخرج في الصباح وبحث عن هذا
المشتري وقال: إني بعتك سلعة بالأمس وهي مغشوشة فيها عيب كذا وكذا وإني تائب إلى
الله -عز وجل- فاردد علي السلعة لأردد عليك نقودك، فقال المشتري وأنا أيضاً دفعت
إليك دراهم مزيفة، أنا أيضاً دفعت إليك دراهم مزيفة، مثلما نسميها نحن عملة مزورة
مغشوشة فسبحان الله الجزاء من جنس العمل، فما دام كذب هذا كذب عليه، لذلك ينبغي
للإنسان أن يكون صادقاً ليصدق الناس معه وأهم شيء في مسألة الأموال لأنها حقوق
للناس وأيضاً لا يجوز لك أن تطعم نفسك أو أولادك من نفقة حرام، بل عليك أن تحرص أن
تأكل من الحلال، وكانت نساء السلف -رحمهن الله- إذا أراد زوجها أن يخرج إلى متجره
أو عمله قالت: « اتقِ الله ولا تطعمنا حراماً فإنا نصبر على الجوع في الدنيا ولا
نصبر على حرِّ النار في الآخرة » فلا يجوز للشخص أن يغش أو يدلس إنما يصدق وإنما
يصدق مع الناس فالله -عز وجل- يرضيه ويرزقه بركة في المال.


أيضاً من محاسن الصدق ولعلها أختم بهذا لئلا أطيل أن من كان صادقاً في كلامه فإنه
يكون صادقاً في رؤياه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أصدقكم رؤيا أصدقكم
حديث) ولذلك بعض الصالحين يرى منامات إذا استيقظ في الصباح رآها كأنها فلق الصبح
لأنه صادق في كلامه مع الناس وصادق مع ربه قبل ذلك وصادق مع نفسه فتجد أنه إذا رأى
شيئاً في المنام ما يرى إل خيراً وتعبر له الرؤيا أو يعبرها هو على الوجه الصحيح،
أما -نسأل الله العافية- من كان يكذب ويغش وهكذا، تجد أنه يرى إما منامات مفزعة،
إما أن يتلاعب به الشيطان في نومه أو نحو ذلك، فينبغي للإنسان أن يحرص كل الحرص على
الصدق لكي إن رأى شيئاً في منامه يرى خيراً، وتعبر له رؤيا خير -بإذن الله تعالى-
هذا فيما تيسر حول فوائد الصدق..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق