الجمعة، 28 أبريل 2017

أخلاقيات التخطاب .

السلام عليكم
كان ذلك عنوانا لحلقة من حلقات الشريعة والحياة قدمها الإعلامي المعروف عبد القادر عياض ..وضيف الحلقة كمالعادة العلامة الدكتور العالم الرباني الشيخ القرضاوي أمتعه الله بالصحة وحفظه للمسلمين ركنا وحصنا يحفظ يحفظ ثغرا من ثغوره ....الموضوع يدور حول أخلاقيات التخاطب وبصورة خاصة ما يصدر عن بعض الأفراد من المسلمين من سباب وشتيمة في حق بعضهم الآخر مستبيحين عرضهم وكرامتهم ..وما كان للشرع من موقف إزاء ذلك ..يصدر حتى عن كبار يحسبون أنهم بلغوا مرتبة من العلم أو الجاه أو المكانة ..وقد برروا لأنفسهم شنيع الفعل بما يتكلفونه من تأويل للأحاديث والنصوص وسوء تنزيلها ....سأقدم لكم الحلقة على مدار أجزاء متعاقبة حتى لاأثقل عليكم طول متابعتها على نفس واحد فإفادة ماتعة أتمناها لكم والسلام عليكم ..

الجزء الأول



ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

- السب والشتم واللعن والفرق بينها
- الإسلام والسباب دفاعا عن الدين والأوطان



عبد القادر عياض: مشاهدينا الكرام السلام عليكم وأهل هذا البريد من أبواب الشريعة والحياة نرحب فيه كما جرت العادة بفضيلة الدكتور العلامة يوسف القرضاوي ونفتح معه هذا الباب في مجال أخلاقيات التخاطب يقول الله تعالى {لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَن ظُلِمَ} إن المجتمع شديد الحساسية وفي حاجة إلى آداب اجتماعية تتفق مع هذه الحساسية ورب كلمة عابرة لا يحسب قائلها حسابا لما وراءها تترك في نفسية المجتمع وأخلاقه وتقاليده وجوه أثار مدمرة تتجاوز الفرد المقصود إلى الجماعة الكبيرة، فلماذا تسود ظاهرة السباب والشتائم بين بعض الناس وهل يشرع التشنيع على الآخرين قولا وكتابة تحت أي ذريعة وماذا يفعل المظلوم تجاه الظالم وهل تعكس المظاهر السياسية والاجتماعية فقرا أخلاقيا وما أسبابه، أخلاقيات التخاطب موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، السلام عليك فضيلة الدكتور.
يوسف القرضاوي: وعليكم السلام أخ عبد القادر ورحمة الله.
السب والشتم واللعن والفرق بينها
عبد القادر عياض: لنبدأ أولا حتى نضبط المصطلحات نبدأ بمصطلح السب والشتم وربما اللعن ما تعريف كل مصطلح وهل هناك فروق بينها؟
يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً}، {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ} وبعد فكل هذه الألفاظ من السب والشتم واللعن كلها مما يسميه علماء السلوك آفات اللسان، الإمام الغزالي في إحيائه في ربع المهلكات الأخلاق المهلكة للفرد وللإنسان ذكر كتابا في آفات اللسان وذكر أن للسان آفات تبلغ العشرين منها السب وفي المتأخرين العلامة عبد الغني النابلسي وصل آفات اللسان إلى اثنتي وسبعين آفة مش بس عشرين، ففصل في الأشياء السب هو ذكر الإنسان أو غير الإنسان بالسوء ولكن إذا كان السوء يتعلق بالإنسان بالذات يعني ممكن الإنسان يسب الأصنام، ممكن يسب البهيمة ممكن.. إنما الشتم في العادة يتعلق بالإنسان أحد يقولك ما يشتمش البهيمة يسبها إنما يعني الشتم في الغالب هو يتعلق بالعقلاء أم اللعن فيتضمن دعاء عليه بالطرد من رحمة الله..
عبد القادر عياض: من رحمة الله..
يوسف القرضاوي: آه فهذا الفرق وكلها يعني مذمومة لأن الإسلام يريد من المسلم أن يكون لسانه نظيفا يعني بحيث قبل أن يتكلم الكلمة يعرف موضعها ويعرف أثرها لأن الله سبحانه وتعالى يكتب على الإنسان كل ما ينطق به {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد} يعني كل كلمة مكتوبة عن الإنسان {أيحسبون أن لا نسمع سرهم ونجواهم بلا ورسلنا لديهم يكتبون} قلم التسجيل الإلهي يسجل على الإنسان كل ما يقوله.
عبد القادر عياض: طيب جاء في الحديث بأن المسلم ليس لعان ولا طعان من خلال بحثي وتحضيري لهذه الحلقة وجدت البعض يقول بأن المسلم أينعم لا يكون شتاما ولا سبابا ولكن مسألة اللعن هنا فيها أكثر من وجه لعان بصيغة التفعيل بمعنى أنه ليس كثير اللعن ولكن أن يلعن مرة على مرة فهذا جائز هل هذا صحيح؟
يوسف القرضاوي
: هذا صحيح لأن كلمة صيغة فعال في اللغة نقول هي صيغة مبالغة سموها العلماء اللغة صيغة مبالغة يعني الإنسان في واحد آكل وأكال..
عبد القادر عياض: أكال..
يوسف القرضاوي: أكال يعني كثير الإيه الأكل..
عبد القادر عياض: كثير الأكل..
يوسف القرضاوي: الأكل لا تقول عنه أكال إلا إذا كان نهم شرها يقول ده أكال أو أكول من صيغ المبالغة فمن يسب مرة لا يسمى يعني سبابا إنما السباب أو اللعان أو الشتام الذي يتكرر منه هذا بحيث يصبح كأنما هي عادة له لا يكاد يعني يكلم إنسانا إلا وخرج منه شيء في حقه..
عبد القادر عياض: يضره.
يوسف القرضاوي: والنبي عليه الصلاة والسلام قال عن نفسه "إني لم أبعث سبابا ولا لعانا ولكني بعثت رحمة" ولما سيدنا أبو بكر أراد أن يلعن أحد قاله يعني الصديقون لا يكونون لعانين يعني تتنافى اللعنة والسب مع الصديقية وبالطبع مع النبوة أكثر.
عبد القادر عياض: قد يقول قائل فضيلة الدكتور أن أخلاقيات التخاطب ليس حكرا على الإسلام كل الشرائع وحتى الأمم التي لا دين لها تؤمن بضرورة وجود أخلاق في التخاطب إذا ما الذي يضيفه الإسلام لهذا المفهوم وما هي مكانته؟
"الإسلام اعتبر الأخلاق من صلب الرسالة حيث يقول النبي عليه الصلاة والسلام: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
يوسف القرضاوي: الإسلام يضيف إلى مفاهيم التي ثبتت عند النبوءات والفلسفات الأخلاقية المختلفة يضيف أنه يؤكد هذا الأمر ويؤصله ويفصله ويبين نواحيه المختلفة، كل الأديان تنهى عن السب وكل الناس في حاجة إلى أخلاقيات يعني الأخلاق دي ضرورة للحياة حتى لو جماعة يعني حرامية لصوص لابد لهم من مجموعة من حتى يتعايشوا بينهم يقسموا الغنيمة اللي يقسموها بالعدل حتى لا يختلف بعضهم، يعني إذا كان كلمة شرف يقولك إحنا أخذنا كلمة شرف يكتموا بعضهم عن بعض إذا وقع واحد منهم لازم إيه يحملوه مجموعة من الأخلاقيات هذا أمر متفق عليه إنما جاء الإسلام واعتبر الأخلاق دية من صلب الرسالة يعني النبي عليه الصلاة والسلام يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ولما مدح الله رسوله قال {وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}..
عبد القادر عياض: {وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}..
يوسف القرضاوي: وجعل الأخلاق ومكارم الأخلاق من ثمرات العقيدة يعني مثلا يكون "من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرا أو ليصمت" جعل قول الخير هذا من ثمرات الإيمان بالله واليوم الأخر جعل من ثمرات العبادة، الأخلاق يعني الإنسان يصلي {إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ والْمُنكَر} ويزكي، { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِم بِهَا}، الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وهكذا فالأخلاق يعني من ثمرات العبادات وجاء وفصل يعني دستور أخلاقي يعني كامل في الإسلام يعني بحيث تفاصيل الأشياء ومن ضمنها أدب الحديث يعني أدب الكلام كيف يتكلم الإنسان مع غيره حتى يعني الصوت {واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ} يعني راعي الأدب مع الكبار راعي كذا ففصل الإسلام هذا وجاء من الترغيبات والترهيبات بما لم يجئ به دين آخر يعني..
عبد القادر عياض: طيب إذا فهمت بشكل جيد ما جاء في الآية الكريمة التي بدأنا بها هذه الحلقة {لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَن ظُلِمَ} هل لكل قاعدة استثناء وهل هناك استثناءات يجوز فيها للمؤمن للمسلم بأن يجهر بالسوء؟
يوسف القرضاوي: نعم الأصل إن السوء ممنوع..
عبد القادر عياض: نعم..
يوسف القرضاوي: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ} ولكن المظلوم الإسلام راع ظروفه أنه في حاجة إلى أن ينفس عن نفسه المظلوم إذا ظل يكتم هذا الأمر سينفجر يعني الإناء إذا كانت النار تغلي تحته ولم تفتح له فتحة يعني إما يتفجر أو يتكسر أو..
عبد القادر عياض: هل هذا مراعاة للطبيعة البشرية؟
يوسف القرضاوي: طبعا مراعاة للطبيعة البشرية وإذا الظلم إذا وقع على الإنسان يعني الواحد ممكن يصبر مرة واثنين إنما ظلم مستمر من الذي يجعل.. الشعوب تثور على حكامها وعلى المستعمرين وعلى كذا هم الظلم يتحملوه فترة ولكن بعد مدة من الزمن تصبح ثورة عارمة تأكل الأخضر واليابس فالظلم يعني قد يقع على الفرد وقد يقع على الشعب أو على الجماعة وتكون نتيجته فالإسلام جعل من حق الإنسان يقول هذا ظلمني، هذا رجل جبار، هذا رجل كذا من حقه بس يكون صادقا يعني في بعض الناس يعني لا يكون يعني صادقا في كلامه ويتهم الآخرين بالظلم ولكن إذا كان صادقا فمن حقه أن ينفس عن نفسه بأن يشتكي هذا يشتكيه للناس يشتكيه للقاضي يشتكيه لولي الأمر يعني يشتكيه لمن يستطيع أن يفصل بينه وبينه
عبد القادر عياض: فقط يعني حتى نكون أكثر دقة الجهر بالسوء هل معناه الجهر بالحق في وجه الظالم أم المقصود بالسوء هنا حتى لو يقول الإنسان كلاما سيئا لا أخلاق فيه لا أدب فيه..
يوسف القرضاوي: لا يعني ما يقولش ده (كلمة نابية).
عبد القادر عياض: مثلا..
يوسف القرضاوي: (كلمة نابية) دي ملهاش دعوة بالبتاع إنما أقول هذا رجل ظالم، هذا رجل أكل حقي، هذا رجل كذا يعني بحيث يصفه بما هو فيه، إنما مثلا يلعن أبوه يلعن أمه يلعن كذا هذا خروج عن أدب التخاطب يعني حتى وإن كان الإنسان مظلوما إنما ليس له أن يتجاوز الحدود ويحمل من ظلمه يحمل أوزاره على آخرين لا
عبد القادر عياض: طيب هل هذا المبدأ ينطلق المسلم مع كل الناس أم أن لا هناك أولوية أن المسلم أن المسلم مع المسلم هناك قاعدة المسلم مع غير المسلم هناك قاعدة أخرى..
يوسف القرضاوي: لا السوء المسلم يبتعد عن السوء مع غير المسلم حتى في حواره مع المشركين القرآن يقول {وَإنَّا أَوْ إيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}..

يتبع الجزء الثاني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق