الأحد، 26 يوليو 2015

❋أوردها سعدٌ و سعد مشتمل ☞ قصة هذا البيت ❋


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كثيرا ما يتردد على مسامعنا من مشايخنا حفظهم الله

أوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ * مَاهكَذَا يا سعدُ تُورَدُ الإبل

و أردتُ أن أتطرق لقصة هذا البيت الشعري لعلي أفيد أحدهم


بإختصار

✿✿✿✿✿
كان سعد مشتمل شملته . اي انه كان يلبس شملة وهو اللباس الطويل .
أي أنه كان بوضع يصعب عليه أن يورد الإبل الغلاظ العطشى .
لأن إيرادها يتطلب منه جهداً كبيراً وحركات كثيرة لا تتناسب مع ما يلبسه من ثياب أثناء قيامه بهذا العمل الشاق. .
ولذلك فإن هذا البيت يُضرب مثلاً في كل من يعمل عملاً بطريقة غير صائبة ولا مناسبة.
فيقال له : ما هكذا تورد الإبل. أي ليس هذا هو الوجه الصحيح في عملك .
و الله اعلم


✿✿✿✿✿✿✿

المثل لمَالِك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَرَأى أَخَاهُ سَعْدا أورد إبِله
وَلم يحسن الْقيام عَلَيْهَا فَقَالَ ذَلِك ، وَكَانَ مَالك آبل أهل زَمَانه على حمقه .
وَخرج قوم فِي خلَافَة عَليّ رضي الله عنه سفرا فَقتلُوا بَعضهم فَلَمَّا رجعُوا طالبهم عَليّ رَضِي الله عَنهُ
وَأمر شريحاً بِالنّظرِ فِي أَمرهم فَحكم بِإِقَامَة الْبَيِّنَة فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ :
(أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل ... مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل)
أَرَادَ أَنه قصر وَلم يستقص كتقصير صَاحب الْإِبِل فِي تَركهَا واشتماله ولومه.
ثمَّ فرق بَينهم ، وسألهم وَاحِدًا وَاحِدًا ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ ، فَلم يزل يبْحَث حَتَّى أقرُّوا فَقَتلهُمْ . وَذَلِكَ أول مَا فرق بَين الْخُصُوم.
وفي : " مجمع الأمثال " للميداني (1/86) قال :"أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسْعْدٌ مُشْتَمِلٌ " ..، هذا سَعْد بن زيد مَنَاة أخو مالك بن زيد مَنَاة الذي يُقَال له:
آبل من مالك، ومالك هذا هو سبط تميم بن مرة، وكان يُحمَق إلاَ أنه كان آبل زمانه، ثم إنه تزوج وَبَنَى بامرأته، فأورد الإبل أخوه سَعْد،
ولم يحسن القيام عليها والرفق بها، فَقَالَ مالك:
أوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ ... مَاهكَذَا يا سعدُ تُورَدُ الإبل
ويروى:
يا سَعْدُ لاَ تروى بهذَاكَ الإبل
فَقَالَ سعد مجيبا له:
يَظَلُّ يَوْمَ وْرْدِهَا مُزَعْفَراً ... وَهْيَ حَنَاظِيلُ تَجُوسُ الخَضِرَا
قَالَوا: يضرب لمن أراد المراد بلاَ تَعَب، والصواب أن يُقَال: يضرب لمن قَصَّر في الأمر. وهذا ضد قولهم "بَيْدَيْنِ ما أوْرَدَهَا زائدة".


✿✿✿✿✿✿✿✿

في : " جمهرة الأمثال " لأبي هلال العسكري (1/93) قال : يُضْرب مثلا لإدراك الْحَاجة بِلَا تَعب وَلَا مشقة
يَعْنِي أَنه أورد إبِله شَرِيعَة المَاء فَشَرِبت واشتمل هُوَ بكسائه ونام وَلم يوردها بِئْرا فَيحْتَاج إِلَى الاستقاء لَهَا ، وَهُوَ مثل قَوْلهم (أَهْون السَّقْي التشريع) أَي إِ يُرَاد الْإِبِل الشَّرِيعَة ..
هَكَذَا فسره بَعضهم .. وَالصَّحِيح أَنه يضْرب مثلا للرجل يقصر فِي الْأَمر ايثارا للراحة على الْمَشَقَّة وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله :
(مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل ... )
أَي مَا هَكَذَا يكون الْقيام فِي الْأُمُور
.


✿✿✿✿✿✿✿✿

قال محمد بن سلام الجمحي أخبرني أبو محرز واصل بن شبيب المنافي
قال كان سعد ومالك ابني زيد مناة بن تميم فكان سعد أسودهما وكان مالك ترعية يعزب الابل ( 1 ) وأمهما مفداة بنت ثعلبة بن دودان بن أسد
وخالتهما ممناة بنت ثعلبة أم ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على ابن بكر بن وائل أبى شيبان وقيس وذهل وتميم وهو الحصن وقال أبو محرز زار ثعلبة ابنته
وهى حامل بسعد فمخضت ليلا فاستحيت من أبيها وزوجها فخرجت فأعجلها الولاد فطرقت على قرية نمل فأدركها أبوها وزجر فقال
لئن صدقت الطير ليملأن ابنك هذا الارض من ولده ( 2 ) قال أبو محرز فتزوج مالك بن زيد بن مناة النوار بنت جل بن عدى بن عبد مناة بن أد
وهم عدى وتيم ويقال لتيم تيم عدى وهما الرباب وكانت امرأة زولة جزلة ( 3 )
فلما اهتداها مالك خرج سعد في الابل فعزب فيها ثم أوردها لظمئها ومالك في صفرة ( 4 ) وكان عروسا فأراد القيام فمنعته امرأته من القيام
فجعل سعد وهو مشتمل يزاول سقيها ولا يرفق فقال :

يظل يوم وردها مزعفرا *** وهي خناطيل تجوس الخضرا ( 5 )


فقالت النوار لمالك ألا تسمع ما يقول أخوك ؟ أجبه قال وما أقول قالت قل :

أوردها سعد وسعد مشتمل ( 6 ) ما هكذا تورد يا سعد الابل



من كتاب : طبقات فحول الشعراء الجزء الاول ص 28 - 30 تحقيق : محمود شاكر

✿✿✿✿✿

( 1 ) ترعية : يجيد رعية الابل , عزب في الابل : رعاها بعيدا عن الدار التي حل بها الحى

( 2 ) التطير من الشرك أعاذنا الله منه

( 3 ) امرأة زولة : أي الخفيفة الظريفة الفطنة الداهية , امرأة جزلة : أي عاقلة أصيلة الرأي جيدته

( 4 ) صفرة : أي تسمح بالزعفران وهو منهي عنه

( 5 ) خناظيل : هي جماعات من الابل متفرقة في المرعى , الخضر : سعف النخل

( 6 ) الاشتمال يعوق الرجل عن إحسان عمله إنما يتطلب العمل التشمير


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق