الخميس، 13 نوفمبر 2014

السلفية والديمقراطية






بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



على الرغم من تلقي الغالبية الساحقة من الإسلاميين في الوطن العربي للنظام الديمقراطي بالترحاب والقبول،

واعتباره خيارًا ضروريًا لإنهاء حالة الاستبداد السياسي والحكم الفردي المطلق، إلا أن شريحة واسعة من السلفيين

لا تزال تنظر إلى الديمقراطية بعين الريبة، وترى فيها نظامًا (كفريًا) يصادم مقررات الشريعة الإسلامية وقطعياتها.

وفي إطار الجدل الدائر بين الفريقين -المؤيد والمعارض- يبرز كتاب (أشواق الحرية .. مقاربة للموقف السلفي من الديمقراطية)

للأستاذ نواف القديمي مجيبًا عن أبرز الاعتراضات على النظام الديمقراطي في إيجاز وعمق وتسلسل رائع.



عن العلاقة بين الشورى والديمقراطية يؤكد المؤلف على وجوب الشورى في الشريعة الإسلامية بين الحاكم والمحكومين،

إلا أن هذا (المبدأ) يظل بحاجة إلى (آليات تنظيمية) تضمن قيامه على أرض الواقع، فمن هنا أتى النظام الديمقراطي كإجراءات

وآليات تنظيمية للشورى، هذا الفرق بين (المبدأ والقيمة) و(الآليات التنظيمية) هو تمامًا كالفرق بين مبدأ (العدل) ووجود

(نظام قضائي) يضمن قيامه.



(في الديمقراطية الحكم للشعب، وفي الإسلام الحكم للشريعة) يرى الكاتب أن هذه الجملة التي تتردد كثيرًا في الوسط الشرعي

تحمل كثيرًا من الخلط وعدم الدقة، فالمرجعية في المجتمع المسلم هي دومًا للشريعة، لكن تطبيقها يسند إلى الأمة التي هي أقدر

على صونها وحمايتها من الحاكم الفرد الذي كثيرًا ما ينحرف عن أصول الشريعة كما يثبت ذلك التاريخ والواقع، فالسلطة للأمة

والمرجعية للشريعة.



وماذا لو اتفقت الغالبية الساحقة على وضع دستور مخالف للشريعة؟ يرى الكاتب بأن حدوث هذا الافتراض في بلد مسلم هو

أقرب إلى الخيال، ولو افترضنا حدوثه فالعيب هنا في الواقع القائم، لا في الديمقراطية التي كشفت لنا هذا العيب ولم تأت به كما

يؤكد ذلك الدكتور أحمد الريسوني، والخيار الوحيد هنا هو (الرفض الصارم لتنحية الشريعة، وعدم الاعتراف بالشرعية الدينية

للسلطة، وإن كان ثمة تسليم بالشرعية الواقعية والسياسية لهذه السلطة على الأرض)، ومن ثم دعوة الناس لتطبيق الشريعة،

مع السعي للتغيير بالوسائل السلمية بعيدًا عن استخدام العنف.



ومن غريب الاعتراضات على النظام الديمقراطي القول بأنه ليس (حكم أغلبية)، بل هو سيطرة للأقلية على الأكثرية، والاستدلال

على ذلك بعدم أحقية الأطفال والقاصرين في المشاركة بالعملية الانتخابية، وهذا منطق غريب كما يرى الكاتب، كذلك الاستدلال

بأن نسبة المشاركين فعليًا في الانتخاب لا يتجاوز عادة 60% أو 70% من مجموع من يحق لهم المشاركة، وهؤلاء (اختاروا

طوعًا ألا يكون لهم رأي في العملية السياسية، فالمقصود بحكم الأغلبية هو ببساطة حكم أغلبية المشاركين في العملية الانتخابية).





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق