الجمعة، 7 نوفمبر 2014

فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ

[frame="10 10"][CENTER]ونحن في مطلع عام هجري جديد نقف وقفة قصيرة مع هجرة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم نستلهم منها العبرة في حياتنا والمثل الصادق في أخلاقنا والمثال المتفرد في علاقتنا مع خالقنا وإلهنا عملاً بقول الله عز شأنه {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} يوسف111

نسمع اليوم وكل يوم من ييئس الناس من حياتهم الإيمانية ويدعوهم إلى التكاسل والتواني في تنفيذ الشريعة الربانية ويتعلل ويقول: قلَّ المخلصون وندر المساعدون ولا يستطيع الإنسان أن يقوم بمفرده بتنفيذ أوامر الله والعمل بشرع مولاه ولمثل هؤلاء كانت عظتنا اليوم في حادثة الهجرة النبوية الشريفة

الرسول وصحبه الكرام ضربوا لنا المثل الأعلى في التمسك بالحق والسير على منهج الصدق ولم يلفته أحد عن دعوة الله فقد عرضوا عليه المال فأباه وعرضوا عليه الملك فلم يرضاه وجاءوا له بكل وسيلة من وسائل الرفعة في الحياة فقال قولته المشهورة لعمه: {والله يا عمي لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه}

صمّم على تنفيذ أمر الله ولم يعبأ بكل ما جهزه له أعداء الله اعتماداً على مولاه وتحصناً بحصون كتاب الله واعتزازاً بشرع الله فصدق فيه قول الله عزَّ شأنه {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}الطلاق3

وحسبه أى كافيه

ولذا كفاه الله كل هم وفرج عنه كل غم وأعلا شأنه على مدى دروب هذه الحياة وجعله أعلى الخلق شأناً ومقاماً يوم نلقى الله ، فكان تأييد الله وإعزاز الله له ونصر الله له مثلاً لنا أجمعين أن من يتمسك بشرع الله ويستمسك بهدي كتاب الله ويتحصن بسنة رسول الله ولا يبالي بمن يعارضه ولا يهتم بمن يناوؤه فإن الله يؤيده ويعضده ويساعده وينصره كما فعل بحَبيبه صلى الله عليه وسلم

فقد اجتمع حول بيته أربعون رجلاً معهم السيوف المدججة متأهبين لخروجه لينزلوا عليه بضربة واحدة فخرج من بينهم وهم يقولون لبعضهم: إن محمداً يزعم أنه ستفتح له جنان الأردن يعني (بساتين) وخزائن فارس وأن من يتبعه سيتمتع بتلك الجنان ويأخذ نصيبه من هذه الخزائن فخرج عليهم وقال: نعم أنا أقول هذا

وأخذ حفنة من التراب ومرّ بها على جميعهم ووضعها على رؤوسهم ولم ينظروه ولم يروه ولم يسمعوه لأن الله أخذ بأسماعهم وأبصارهم عن رؤيته وسماعه صلى الله عليه وسلم وكان السلاح الفعال في هذا المجال {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} يس9

وجاء المرور بقيادة أبي جهل فقال لهم: ماذا تنتظرون؟ قالوا: خروج محمد ، قال خيّبكم الله لقد خرج وترككم وما ترك رجلاً منكم إلا ووضع التراب على رأسه ، ثم ذهب إلى الغار فكانت عناية الواحد القهار بأن أمر النبات أن يخرج في الحال ، نبتة على باب الغار تسده

وأمر كتيبة من العنكبوت تنسج على هذه الشجرة على باب الغار وأمر يمامتين وحشيتين أن تصنعا عشاً على رأس هذه الشجرة وتبيضا فيه حتى لا يعلم الأعداء ما فيه لأن الله تعهد بذلك فقال {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}التوبة40

ومن ينصره الله لا يستطيع أحد أن يصل إليه بأذى لأنه في وقاية الله وكفالة الله وعناية الله ، وحماه الله في الطريق عندما لحق به سراقة وقال له ربه: الأرض طوع أمرك فمرها بما شئت ، فعندما اقترب منه وقال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله إنا لمدركون لا محالة قال: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} التوبة40

ثم قال: يا أرض خذيه فانشقت الأرض وابتلعت الفرس وأمسكت بنصفه الأسفل مع قدمي سراقة الفارس ، فاستغاث به وقال يا رسول الله: ادعو الله لي أن ينقذني ولا أعود ، فقال يا أرض اتركيه فتركته فلما أراد ثانية أن يأخذه ؛ قال: يا أرض خذيه ؛ فأخذته ، فكانت الأرض طوع أمره تأخذه عندما يأمرها بالأخذ وتتركه عندما يطلب منها الترك لأنه كان يتحرك بأمر الله فجعل له الله الأكوان والأملاك والأرض ومن عليها كلها مسخرة في خدمته




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق