الأحد، 28 سبتمبر 2014

أخذ المضحي من شعره وأظفاره وجلده في أيام العشر.

إذا دخلت العشر الأول من شهر ذي الحجة فإن مريد الأضحية منهي عن الأخذ من شعره وأظفاره وجلده حتى يضحي، وذلك لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً )) رواه مسلم (1977).



وفي لفظ آخر: (( من كان له ذِبْحٌ يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة، فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي )).



وقال النووي ـ رحمه الله ـ في كتابيه “المجموع”(8/363) و”شرح صحيح مسلم”(13/ 147-148رقم:1977):



والمراد بالنهي عن الحلق والقلم المنع من إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذ بنورة أو غير ذلك وسواء شعر العانة والإبط والشارب والرأس وغير ذلك من شعور بدنه.اهـ



فإن أخذ من ذلك شيئاً فقد أساء، وخالف السنة.



قال الأمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في كتابه “المغني”(13/ 362-363):



فإن فعل استغفر الله تعالى، ولا فدية عليه إجماعاً، وسواء فعله عمداً أو نسياناً.اهـ



ويبدأ وقت المنع من الأخذ من حين إهلال هلال شهر ذي الحجة حتى يذبح المضحي أضحية، سواء ذبحت في يوم العيد، أو في أول أوثاني يوم من أيام التشريق.



وأما بالنسبة لأهل البيت من زوجة وأولاد وغيرهم الذين يُضَحي عنهم من يعولهم من أب أو زوج أو ابن فلأهل العلم في حكم أخذهم قولان:



القول الأول: أنَّ حكمهم كحكم المُضَحِّي عنهم، فيُمسكون عن الأخذ كما يُمسك.



وقُوِّي هذا القول بأمرين:



الأول: أن هذا الإمساك مُفتَى به في عهد السلف الصالح – رحمهم الله -.



فقد قال الإمام مُسدد – رحمه الله – في”مسنده” كما في “المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية”( 2287) و “المحلى”(6/ 28 – رقم: 976):



حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي قال: سمعتُ أبي يقول: (( كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَعْرِهِ، حَتَّى يَكْرَهَ أَنْ يَحْلِقَ الصِّبْيَانُ فِي الْعَشْرِ )).



وإسناده صحيح.



الثاني: أن الشرع الحنيف قد جعل لهم نوع مشاركة في الأضحية مع المضحِّي، وهي المشاركة في الأجر والثواب، فيشتركون معه في حكم ترك الأخذ، لأن الجميع يعتبر في الشرع والعرف مُضحِّـياً.



وهو قول أكثر أهل العلم، منهم: المالكية والحنابلة.



القول الثاني: أنه لا يُكره لهم الأخذ.



وهو المذكور في بعض كتب الشافعية، واختاره ابن باز والألباني وابن عثيمين – رحمهم الله -.



وحجَّة هذا القول ظاهر حديث أم سلمة – رضي الله عنها – عند مسلم (1977) إذ جاء فيه: (( إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا )).



ووجه الاستدلال منه:



أن النهي عن الأخذ من الأظفار والشعر والبشرة وُجِّه إلى مُريد الأضحية.



وأُجِيب عن هذا الاستدلال:



بأن المضحَّى عنه يعتبر مضحّ شرعاً وعُرفًا، ويُطلق عليه ذلك، فكان كمريدها، ودخل في الحديث، وذكر المريد خرج مخرج الغالب، وما كان كذلك فلا مفهوم له، كما هو مذهب أكثر العلماء من أهل الفقه والأصول.



ويدل على كونه مضحٍّ:



ما أخرجه الترمذي (1505) وابن ماجه (3147) عن عطاء بن يسار – رحمه الله – أنه قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى )).



وصححه: الترمذي وابن قدامة والألباني.



ولما أضجع النبي صلى الله عليه وسلم أضحيته ليذبحها قال: (( بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ )) رواه مسلم (1967) من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -.



وأخرج البخاري في “صحيحه”(7210) عن أبي عقيل زُهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام – رضي الله عنه – أنه: (( كَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ )).

منقول

http://ift.tt/1xkQ2LO




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق